أتذكّر ورشة نظّمها معهد المعلوماتية بجامعة أوكسفورد في 2013، وكان النقاش يدور حول إنتاج المحتوى باللغة العربية في عصر تعدد المصادر والمنصات الرقمية. طُرح سؤال جوهري: لماذا، رغم أن عدد الناطقين بالعربية يقارب نصف مليار، لا تتجاوز نسبة المحتوى العربي الرقمي 5% من إجمالي المحتوى العالمي، وربما ثلث هذا المحتوى فقط يُعتبر ذا قيمة أو مفيدًا؟
هذا السؤال ينطبق على العديد من المنصات، مثل ويكيبيديا، لكنه أوسع وأشمل، إذ يتعلق بالمحتوى العربي ككل على الإنترنت. حتى وإن وُجدت إجابات أو اقتراحات لحلول، يظل الطريق طويلًا لزيادة هذا المحتوى وتحسين جودته.
ثنائية اللغة: ميزة معقدة
من الحقائق الملحوظة أن الشعوب الناطقة بالعربية تتمتع بميزة إتقان اللغات، مقارنة ببعض الشعوب الأخرى. فالجزائري يكتب بالفرنسية، والمصري بالإنجليزية، والسوري أو اللبناني يتقن لغات أخرى مثل التركية أو الإسبانية أحيانًا.
لكن هذه الثنائية ليست دائمًا إيجابية؛ عندما تصبح اللغة الأم ثانوية أو هامشية في الاستخدام، يُهدر وقت طويل في تعلم اللغات الأجنبية بدل التركيز على اكتساب العلوم والمعارف. والأسوأ أن من ينجح في تعلم اللغة الثانية، غالبًا لا يتمكن من استيعاب الثقافة المتأصلة في تلك اللغة، ما يضعف ارتباطه بالمعرفة أو يجعلها غير مكتملة.
أسئلة تحتاج إلى إجابة:
- ما حجم سكان الجزائر اليوم؟
- كم هو عدد المساهمين الجزائريين في إنتاج المحتوى الرقمي (سواء على ويكيبيديا أو غيرها)؟
- ما نسبة ما يقدمه الجزائريون أو العرب عامة في بناء المحتوى الرقمي المفيد عالميًا؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ليست سهلة، لكنها تفتح آفاقًا لفهم أعمق للمشكلة. أتذكر تقريرًا شاركت فيه بآرائي، قاده معهد أوكسفورد، تناول تحليلات معمقة عن الفجوة اللغوية والثقافية في المحتوى الرقمي، وقد امتد على 140 صفحة (يمكن الاطلاع عليه هنا: الرابط).
الطريق إلى التحسين:
الخلاصة التي يمكن البناء عليها هي أن الحل يكمن في تركيز الجهود على أهداف محددة بوضوح، ثم العمل على ترتيب هذه الأهداف وتوجيه الطاقات نحوها بصبر وديمومة وقدرة على التكيف والتكرار.
لست متشائمًا. بالعكس، أرى أن المستقبل يحمل فرصًا كبيرة، خاصة إذا تحولت الجهود الفردية إلى جماعية، ودُعمت بخطط مستدامة تعكس احتياجاتنا الثقافية والمعرفية الحقيقية.
ملاحظة: هذا النص مستوحى من نقاش دار على صفحات التواصل الاجتماعي، وتم جمع الأفكار منه مع تعديل بسيط في الأسلوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق