العربية، نطقها رنّان طنان، حروفها بديعة، سهلة متاحة، مفرداتها وفيرة وكثيرة، بين جميع لغات العالم عبر جميع العصور ما
غاضت قط بل أعطت، مازالت وستزال بل ازدادت قوة وكبرياءا وانتشارا ..... مستقبلها شاسع واسع.
هل بعد ما يزيد عن 200 سنة من محاولات ومؤامرات على اللغة العربية، اندثرت الفصحى؟
الجواب بديهي ومعروف لكن كيف مازات متألقة متشبثة مواكبة؟
من دون شك اللغة العربية مستمرة وباقية بل تنتشرفي جنوب الساحل الإفريقي، عبر لهجات جديدة، فبعد 200 سنة تعززت وانتشرت في جميع ميادين العلم والأدب منذ 200 سنة
ألوف مؤلفة لا تحصى من المطبوعات والكتب الورقية ثم الوسائط الرقمية من صوتيات
فيديوهات ومنتوجات تجارية والقنوات الإعلامية، العربية الفصحى واللسان العربي
بلهجاته يتغذيان من بعضهما، ما دام هناك من ينطق به حتما يستعملها ويتداولها،
أما اللهجة فموجودة لا نكران لها وهي طريقة البشر للتواصلات الوقتية الزمانية والجغرافية وهذا متفق عليه، وصلتنا كتب في الماضي تروي عنها وبفضل مؤلفيها
تعرفنا كيف كانت اللهجات عند ألسنة الشعوب العربية في المناطق تواجد المجتمعات العربية الشاسعة وكيف كان البدو
العرب ينطقون الحروف ويغيّرون الكاف ثاء والعين غين، حتى في الحديث والقرآن والشعر
لهجات ومفردات تداولتها أقوام عبر عصور و اندثرت و حلّت محلها أخرى وتغيّرت نعرف كيف بدأت متغيّرات و كيف اختفت أخرى بفضل من و كيف وصلت، أكيد هناك من رأى سوى الكلام عنها و تدوينها.
اللهجة ليست عيبا لاي لغة بل هي جرس للكلام، وما عِلْم اللَّهجات: (العلوم اللغوية) إلا علم يدرس الظَّواهر والعوامل المختلفة المتعلِّقة بحدوث صور من الكلام في لغة من اللُّغات،
اللهجة و الدارجة ليست إذا حرام اللغة بل ما يدعمها ويحميها من الذبول.
دراسة اللهجات وتوثيقها وتجميعها وتدوينها وتسجيلها بجميع الطرق العلمية
الأكاديمية المتاحة المتعارف عليها حتى الإلكترونية منها موسوعة قواميس كتب قواعد
بيانات إلخ مهمة بأقصى ما يكون، لا عيب فيها وتساعد الأكاديمي الدارس العالم في
دراساته وبحوثه كما تغذي حب الناطق بها في الحاضر عليها والمواصلة في استعمالها والافتخار
باختلافه، هي فعلا معرفة مضافة بعيدة عن الإحراج في ذلك مهما عُلم من مشاريع وخطط
ومؤامرات حولها، تساهم في دعم الهوية والفخر بالأصل ومتكاملة مع اللسان.
الاختلاف واسع وموجود بخصوص كيفيات الحفاظ اللسان العربي والفصحى هناك من يرى أن
تطوير طرق لتدوين كتابة اللهجات لإتاحة جمعها خطر على العربية، هذا مفهوم لكن وجب
القول أن جميع اللهجات كنز كبير لا يجوز ان نغفل عليه فكل معرفة جديدة أم قديمة
قبل الطفرة والثورة الرقمية أو بعدها مهمة مهما كانت، قلب الفصحى كانت موجودة
لهجات عربية قديمة، وما لدينا اليوم عربية مختلفة عن اللغة القرآنية القرشية بل
نحن اليوم نستعمل عربية عصرية في جميع المجالات.
وهنا سأطرح بعض الأسئلة هنا وأجيب باختصار:
- هل ستحل اللهجة محل العربية الفصحى؟ لا أعتقد ذلك بل ستخلق لهجات جديدة وستتطور
العربية الفصحى بالتوازي معها
- هل الفصحى ستحل محل اللهجات؟ لا أعتقد ذلك لكن نحتاج لمجهود متواصل لدعم العربية
وتطويرها.
- هل ستموت هذه اللغة؟ القريب والمتوسط وحتى البعيد لا أعتقد ذلك اللغة العربية هي
لغة فريدة مع باقي لغات العالم أنا مطمئن من هذا الجانب.
الأطروحة اللغوية وعلاقتها بالثقافة والقومية والفكر الإيديولوجي السياسي مسألة
صدرت حولها كتب وبحوث بالمئات بالإمكان مقارنة النظريات والأفكار الكثيرة حولها،
ليس هناك توافق حول هذا الموضوع أو اتفاق بين المختصين الباحثين والعلماء.
وهنا يبدر سؤال آخر: هل نحن كناطقين بإحدى اللهجات
العربية مسموح لنا الحفاظ عليها كوسيلة للتواصل واستعمالها لنشر المعرفة مكتوبة وتسجيلها
أي تدوينها، لأن عامة الناس الناطقين للهجاتهم يوميا ولحظيا يستعملون لهجاتهم
للوصول للمعرفة.
عبر هذا السؤال الأخير يختلف الكثير منا في الوقوف عند التجميع أو تجاوزه وكيف
تعتبر اللهجة في أحضان المشاريع الرقمية. أي أنه ما دام استعمال اللهجات حتمي في
الواقع هل الرقمنة لهذا الإرث المكسوب محرم،
يبقى في الأخير القول إن هناك دوما مخططات مثلها مثل باقي المؤامرات ما دام
المجتمع واع لها ويعرفها لن تؤثر عليه وعلى هويته اللغوية.