12‏/07‏/2012

إنشقاق جديد في سوريا

في ظل ردود الفعل الحالية من الحكومة السورية، لا يبدو أن السيناريو الليبي قد بدأ في التكرار. رغم أن القول الشائع هو أن "التاريخ لا يعيد نفسه"، إلا أن تجارب الصراعات السابقة، مثل الحرب الأهلية الأمريكية، العراق، والجزائر، تظهر أن الانشقاقات داخل الأنظمة قد تؤدي إلى تحولات كبيرة في الوضع السياسي للدولة. لكن هل يمكن لانشقاق بعض المسؤولين أن يسبب تغييرًا جذريًا في النظام السوري؟

الجواب على ذلك يعتمد على عدة عوامل. قد يكون هذا ممكنًا في حالتين: الأولى، إذا كانت سوريا تفتقر إلى الكوادر والقيادات التي يمكنها تعويض الفراغ الذي تتركه الانشقاقات. الثانية، إذا كانت سوريا عاجزة عن التكيف بسرعة مع التحولات السياسية والأمنية التي تطرأ نتيجة لهذه الانشقاقات. في حال حدوث ذلك، قد يصبح الوضع أكثر هشاشة.

أما فيما يخص التأجيج الطائفي، فإنه لا يصب في مصلحة أي طرف بشكل كامل. على الرغم من ذلك، يبدو أن هذا التأجيج قد يكون أكثر فائدة للمعارضة، خاصة مع الانشقاقات التي تحدث داخل النظام. حيث تقوم المعارضة باستغلال هذه الانشقاقات من خلال الترويج لانتماءات المنشقين الطائفية عبر قنواتها الإعلامية، مما يزيد من الانقسام الطائفي داخل المجتمع. هذه الديناميكية تشير إلى أن الطرفين يستغلان هذه النبرة الطائفية لزرع الانقسامات بين القوى المختلفة.

الوضع في سوريا ما يزال غامضًا، ولا يمكن التنبؤ بتطورات الأحداث بشكل دقيق. قد تستمر الأوضاع في التدهور أو تشهد تغيرات غير متوقعة. ما يزيد من تعقيد الوضع هو أن سوريا أصبحت ساحة لصراع دولي بين القوى الكبرى، التي تختلف في مواقفها حيال التدخل العسكري. بعض الدول تفضل الحلول الدبلوماسية، بينما هناك دول أخرى تؤيد التدخل العسكري لكنها تؤجل اتخاذ خطوات فعلية، مما يساهم في استمرار الأزمة وتعقيدها.

في هذا السياق، قد تكون فرضية حدوث سيناريو مشابه لما حدث في العراق، مثل الحصار الممتد لعقود، أحد الاحتمالات المستقبلية. ومع ذلك، لا يمكن القول بشكل قاطع أن الانشقاقات الحالية تشير بالضرورة إلى قرب سقوط النظام، إذ قد تكون هذه الانشقاقات انعكاسًا لصراعات داخلية دون أن تؤدي إلى تحول جوهري في هيكل السلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مغامرة الاختيار في الغابة العربية

  في عالم من الكلمات، حيث تتداثر اللغات في همساتها الخاصة، كنت أقف متردداً، حاملاً معجم اللغة العربية بين يديّ، محاولاً أن أختار الكلمة الأن...