26‏/07‏/2020

الفرحة أم الراحة ؟



الراحة 


هناك من يتمنى أن يفرح بزواج ابنته أو ابنه يومًا ما، لكن هناك من يستغرب هذا الشعور ويعتبره انحصارًا في مفهوم الفرحة والراحة النفسية.

الموضوع في جوهره يحمل جوانب فلسفية واجتماعية وثقافية، ويعتمد على الأولويات. فمع مرور الوقت، تتغير الأولويات؛ أي كلما تقدم الإنسان في العمر، تتبدل أولوياته وفقًا لتجاربه ورؤيته.

على المستوى الاجتماعي، لا يجوز أن نقارن الجميع أو نضعهم في قالب واحد، فالفلاح، بحكم علاقته بالأرض ومسؤوليته تجاه المزروعات، يفكر في الماء أولًا، ويفرح إذا هطلت الأمطار، ويقلق إذا جف النهر.

أما الجندي، فهو لا يغفل عن أبسط مستلزماته، ويفكر دائمًا في حب بلده، ويعبر عن هذا الحب في قطعة قماش تُسمى "الراية"، يحميها ويذرف الدموع لها، ويفرح حين يراها ترفرف في السماء.

والأم في حياتها مع ذريتها، لها قصةٌ طويلة؛ هي التي تتمنى الكثير لهم، وتسعى لتحقيق ما يراه لها أبناؤها مريحًا وآمنًا، وتعمل على أن توفر لهم ضروريات الحياة حسب أولوياتها.

مع التطور الهائل في مختلف المجالات التكنولوجية والعلمية والفكرية، أصبحت الراحة التي ينعم بها البشر اليوم نتيجةً للابتكارات التي أعطت الفرد حيزًا واسعًا من الحرية، وهي الحرية التي كانت محصورة فقط في أيدي ملوك العالم القديم.

اليوم، أبسط الأمور التي كانت تعدّ من المسلمات في الماضي أصبحت محققة، مثل:

  • توفر الماء في البيت، فلا حاجة لجرة ولا لمن يملؤها.
  • توفر الكهرباء، فلا حاجة للشموع ولا لمن يشعلها.
  • توفر الغاز، فلا حاجة للحطب ولا لمن يجمعه.
  • توفر الغسالة، فلا حاجة للوادي ولا لمن يغسل الملابس.
  • توفر السيارة، فلا حاجة للحصان ولا لمن يطعمها.

كل هذه التطورات قد سرّعت الفكر، حررت الجسد، زادت قوته، ومنحته القدرة على التفكير في أبعد الحدود وفي أعمق الأماكن.

حين تتراكم الثقافة، تتطور وتتفرع، ولذلك من الطبيعي أن يُرفض التفكير التقليدي إذا انتقل الشخص إلى طبقة اجتماعية أو بيئة ثقافية أخرى، أو اعتمد مبادئ تختلف عما هو معتاد.

لنأخذ الهند كمثال؛ هي دولة تجاوزت المليار نسمة، وفيها مدن تعتبر من أكبر وأهم المدن في العالم. ومع ذلك، فإنها تجمع بين التقاليد القديمة والاتجاهات الحديثة، وبين الأفكار التي نشأت في الماضي وأخرى جديدة تمامًا.

أنا لا أستغرب من يستهجن ما تتمناه الأم لابنتها، ولا أستغرب من يستهجن ذلك من الأم نفسها. فالإنسان، بحرية تفكيره، لديه القدرة على الابتكار، والتطورات والثورات التي نعيشها في مجالات الاتصال والتفكير والصناعة والزراعة والعادات تجعلنا نتفاجأ بما يتولد عن هذه التحولات.


11‏/07‏/2020

فلسفة العجلة في الحياة





أحيانًا يكون الإبداع والتميز والانفتاح هو الحل. بدلاً من التمسك الأعمى بفكرة معينة، ينبغي علينا الانفتاح على الآخر وفهمه وقبول التعدد والاختلاف. محاولات فرض الرأي على الآخرين مرفوضة؛ فلكل شخص رأيه، وكل إنسان حر في قوله.

إن الرمزية التي يحملها البناء وتاريخه تجعل من الصعب إيجاد حلول سهلة للمشاكل. قد يظن المنتصر أنه قد فاز، لكنه في الحقيقة قد فشل في إرساء سلام حقيقي، بينما قد يظن الخاسر أنه فقد كل شيء، لكنه في النهاية سيعود أقوى مما كان.

وتستمر العجلة في الدوران.

والعجلة تحمل معنيين مختلفين. فسيارة مثلاً تحتاج إلى أربع عجلات كي تسير إلى الأمام، وعندما تدور العجلات في اتجاه واحد، يصبح للسيارة مسارها ووصولها إلى هدفها، وهذا هو مفهوم العجلة من حيث السرعة. ولكن العجلة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد عجّلت بتاريخ الإنسانية ودفعتها إلى التطور المستمر، حتى أصبحت جزءًا من الواقع الذي نعيشه اليوم.

لكننا هنا يجب أن نكون حذرين في التعامل مع الزمن. نظرية الحتمية، التي تقول إن كل شيء مسبقًا قد تم تحديده منذ الانفجار العظيم، تجعلنا نتساءل: لماذا العجلة؟ قد يكون كل شيء قد كتب بالفعل، وكل ما سيأتي في حياتنا ليس سوى نتيجة لما هو مكتوب. فإذًا، لماذا نتعجل؟

في النهاية، نحن على يقين بأننا أيضًا مخيرون، رغم أن العجلة قد تفسد القادم إذا لم نمنح الأشياء وقتها الكافي. الوقت هنا ملكنا، كما هو ملكهم، وأنا شخصيًا لا أستعجل في سعيي نحو المستقبل.


مغامرة الاختيار في الغابة العربية

  في عالم من الكلمات، حيث تتداثر اللغات في همساتها الخاصة، كنت أقف متردداً، حاملاً معجم اللغة العربية بين يديّ، محاولاً أن أختار الكلمة الأن...