رسالة هامة لكل من تجاوز سن الأربعين...
"عذرًا للسؤال":
هل أنت في الأربعين؟
هل قاربتها؟
هل تجاوزتها بقليل؟
الأربعين هو السن الوحيد الذي خصه القرآن بدعاء مميز، حيث قال تعالى:
"رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (الأحقاف: 15).
إنه دعاء مؤثر، يتضمن الشكر على ما مضى، والدعاء لما هو قادم، وإعلان الولاء لهذا الدين.
وقد أكد العلماء على أهمية هذا الدعاء، خاصة لمن بلغ الأربعين، وأنه سبب لقبول الأعمال، حيث قال تعالى:
"أُو۟لَـٰٓئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا۟" (الفرقان: 70).
عند بلوغ الأربعين، يشعر الإنسان وكأنه على قمة جبل، ينظر إلى السفح الأول فيرى طفولته وشبابه، وتبقى ذكرياته حاضرة في أعماقه. وعند النظر إلى السفح الآخر، يدرك كم هو قريب مما تبقى من عمره. في هذا العمر، يكون الإنسان قادرًا على فهم جميع الفئات العمرية والتفاعل معها.
في الأربعين، يبدأ الشيب إذا لم يكن قد بدأ بعد، وتبدأ كذلك بعض التغيرات الجسدية مثل ضعف البصر، فيقبل البعض على نظارات القراءة، التي تصبح جزءًا من أدواتهم اليومية. وفي هذه المرحلة، نسمع لأول مرة من ينادينا بـ"الوالد" أو "العم" أو "الخالة"، مما يسبب لنا استغرابًا من هذا التغيير في التعامل. وفي نفس الوقت، يلتفت إلينا من هم في الستين ليقولوا لنا: "هنيئًا لكم، ما زلتم شبابًا"، مما يضيف إلى دهشتنا.
في الأربعين، تبدأ أزمة منتصف العمر، وتبدأ الأسئلة القاسية تظهر أمامنا:
ماذا أنجزت في عملك؟
ماذا أنجزت لأسرتك؟
ماذا أنجزت في حياتك؟
ماذا أنجزت في علاقتك مع ربك؟
إذا لم ترجع إلى ربك وأنت في هذا العمر، فمتى سترجع يا ابن آدم؟
إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير، خاصة أن الأيام مرت أسرع مما توقعنا. ففي طفولتنا، كنا ننظر لمن بلغ الأربعين على أنهم قد شبعوا من الدنيا، ولكن اليوم نرى أننا لم نحقق الكثير مما أردنا، وأن السنوات تمضي دون أن تعطينا الفرصة لتحقيق كل ما نطمح إليه.
في الأربعين، ندرك القيمة الحقيقية للأشياء التي تحيط بنا. ننظر إلى والدينا، إذا كانا موجودين أو أحدهما، فنشعر أنهما كنز يجب أن نؤدي حقهما ونبر بهما. كما ننظر إلى أبنائنا، فنراهم قد أصبحوا كإخوان لنا، ويعتمدون على صحبتنا. كذلك، ننظر إلى الأصدقاء والإخوان، فنشعر بفرح غامر لوجودهم حولنا. وفي الوقت نفسه، ندرك تقصيرنا في بعض الجوانب ونشعر أنها لا تليق بمن بلغ الأربعين، حيث يُفترض أن يكون هذا السن مرحلة الحكمة والتوازن.
في الأربعين، يبدأ الحصاد، ونعلم أننا كنا نركض كثيرًا في الماضي، واليوم بدأنا نخفف من سرعتنا لنلتفت إلى ما أنجزناه. نقرأ نتائج ما قمنا به حتى الآن، وندرك أن النتائج النهائية لم تحسم بعد، ولكن التغيير بعد الأربعين ليس بالسهولة التي كان عليها في السابق.
تحية لكل من جاوز الأربعين أو اقترب منها، اقرؤوا هذه الرسالة بتمعن، وخاصة الآية الكريمة، لتدركوا أن عملنا بعد هذا العمر يجب أن يتركز على الرجوع إلى الله والتحضير للقاءه سبحانه وتعالى، وشكره على ما أعطانا من نعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق