من قلب الصحراء الجزائرية، تأتي حكاية قبيلة عريقة، حكاية "أولاد نايل".
ينحدرون من نسل محمد بن عبد الله، الملقب بنائل، رحّالةٌ جابَ الأرض باحثًا عن المعرفة، حتى استقرّ به المقام في واحة فقيق، ونالَ بركةَ شيخه أحمد بن يوسف الملياني.
من فقيق، انطلقَ نسلُ نائل، ليُعمّرَ أرجاءَ وسط الجزائر، وخاصّةً الجلفة، بسكرة، والأغواط.
فأين ذهبت خطواتُهم عبر الزمن؟
في ثنايا التاريخ، نجدُهم يشاركون في المقاومة ضدّ الاستعمار الفرنسي، بشجاعةٍ وفِرَسَةٍ لفتت أنظارَ الجميع.
ثمّ جاءت الثورةُ التحريريةُ الكبرى، فكانوا من أوائلِ المشاركين، ناضلينَ من أجلِ حريةِ الوطنِ واستقلاله.
ولم تقتصرْ إنجازاتُهم على الميادينِ النضاليةِ فقط، بل برزوا أيضًا في المجالاتِ الثقافيةِ والفنيةِ، فأنجبوا كُتّابًا ومبدعينَ أثروا المشهدَ الجزائريّ.
وإلى يومنا هذا، تُعدّ قبيلةُ أولاد نايل رمزًا للكرمِ والنخوةِ والأصالةِ، حاملينَ إرثًا عريقًا يُضيءُ دروبَ الحاضرِ والمستقبلِ.
ولكن، ما سرّ تميّزهم؟
في جيناتهم، تسري دماءُ الأبطالِ والشرفاءِ، مُمزوجةً بِحبّ الوطنِ والإيمانِ الراسخِ.
في ثقافتهم، تُحكى قصصُ الشجاعةِ والصبرِ والكرمِ، جيلًا بعد جيلٍ.
في بيوتهم، تُشعلُ نارُ الضيافةِ، مُرحّبةً بالضيفِ كأنه من العائلةِ.
فإنْ أردتَ أنْ تُسافرَ عبرَ الزمنِ إلى قلبِ الصحراءِ الجزائريةِ، فما عليكَ سوى زيارةِ قبيلةِ أولاد نايل، واكتشافِ إرثهم العريقِ وحكاياتهم المُشوقةِ.
نسب محمد نائل
- محمد بن عبد الله الملقب نائل من ذرية عبد السلام بن مشيش المتوفي سنة 1228 م.
- ذكر أنه تلميذ أحمد بن يوسف الملياني المتوفي سنة 1524 م.
- نسب محمد نائل: محمد نائل بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مسعود بن عيسى بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش.
وُلد بالمغرب في جبل العلم بين أهله، ولما شب استوزره الأمير الزياني على ثغر الصحراء وحاضرتها واحة فقيق. بعد انكسار قوته، توجه إلى خميس مليانة. بإيعاز من شيخه أحمد بن يوسف، توجه إلى أرض سيدي عيسى بالمسيلة. أما إخوته، فيبدو أنهم كذلك قد فوضوا فكل منهم أخذ وجهة حسب رغبة الشيخ. والله تعالى أعلم أي ذلك كان.
البطون الرئيسية للقبيلة
أنجب محمد نائل أربعة أبناء: عيسى، يحيى، مليك، وزكري، ومنهم تفرعت القبائل في كل النواحي.
عاصمة القبيلة
عاصمة القبيلة هي الجلفة، رابع أكبر ولاية من ناحية التعداد السكاني.
أصل القبيلة
تنحدر قبيلة أولاد نائل من أصول عربية شريفة حيث تنسب إلى محمد بن عبد الله سيدي نائل. جده الأعلى إدريس الأصغر بن الأمير إدريس بن عبد الله الكامل، مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى. هو عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط من ذرية الإمام علي كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
قبيلة أولاد نائل هي قبيلة كبيرة العدد تتشكل من عدة أفخاذ ينتشرون في كامل أرجاء وسط الجزائر ويتمركزون خصوصاً في ولاية الجلفة. يتميز أولاد نائل بثرائهم الواسع وكرمهم ونخوتهم. لذا لا نجد أي مرحلة من مراحل تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر تخلو من إسهامهم سواء في الثورة التحريرية الكبرى أو خلال المقاومة العظيمة للأمير عبد القادر.
كانت قبائل أولاد نائل تتمتع بثراء واسع وعدد هائل، وتتميز بتمرس أبنائها على الفروسية، لذا كانت محل تنافس بين المتمردين الذين كانوا يظهرون بين الفينة والأخرى، والفرنسيين، والأمير الذي كان على ما يبدو يدخرهم كقوة احتياطية إلى ما بعد المعاهدة. وندرك اعتناء الأمير عبد القادر بهم وحرصه على استمالتهم من خلال وصفه لخيولهم بأنها من أحسن الخيول.
في كتاب (خيول الصحراء) للجنرال "أوجان دوما"، ورداً على سؤال أجود الخيول، أجاب الأمير: خيول أولاد نائل، وأضاف: (لأنهم لا يتخذونها لشيء غير القتال).
لعدة أسباب سياسية، اقتصادية، وعسكرية، راح الأمير عبد القادر يراسل أولاد نائل عله يتمكن من إضافة دولة جديدة إلى دولته، وقوة عتيدة إلى قوته.
الحضور الثقافي
إضافة إلى حضورها التاريخي، تبقى عاصمة أولاد نائل منبراً ثقافياً مهماً يضم جيلاً من الكتاب والمبدعين الذين يؤسسون لصوت مختلف في الجزائر، من أمثال عبد القادر بن إبراهيم، سي عطية، حسين مازوز، سي الجابري، الشيخ محفوظي الشيخ بو عبدللي، وغيرهم من الأصوات المهمة في المشهد الأدبي والفني الجزائري، الذين يمثلون امتداداً لمحمد بن شريف أول الروائيين الجزائريين.
نسب سيدي نائل
سيدي نائل هو محمد بن عبد الله الخرشوفي، بن محمد، بن أحمد، بن مسعود، بن عيسى، بن أحمد، بن عبد الواحد، بن عبد الكريم، بن محمد، بن عبد السلام، بن مشيش، بن أبي بكر، بن علي، بن حرمة، بن عيسى، بن سلام، بن مزوار، بن حيدرة، بن محمد، بن إدريس الأزهر، بن إدريس الأكبر، عبد الله الكامل، بن الحسن المثنى، بن الحسن السبط، بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد سيدي نائل على الأرجح ما بين سنتي 1484 م و1504 م بمنطقة فجيج بالمغرب الأقصى، وكان من أشهر تلامذة الشيخ أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني، فقد بقي عنده عدة سنوات وكان بمثابة التلميذ النموذج. وكان من بين ما يُذكر خلال مرحلة دراسته في مليانة، امتحان الشيخ أحمد بن يوسف لتلامذته، حيث طلب منهم التضحية بأن يقوم الشيخ بذبحهم، ففر أغلب التلاميذ، إلا سبعة منهم، كان من بينهم سيدي نائل الذي ثبت أكثر من السبعة الباقين، فنال البركة من الشيخ وسُمي بعد ذلك نائل، ودعا له ولنسله من بعده.
بعد بقاء سيدي نائل مدة في الجزائر، أمره سيدي أحمد بن يوسف بالذهاب إلى الجنوب حيث جبال اللدمي وبلد النعام والغزال، فاستقر بنواحي عين الريش. جدير بالذكر أن قبيلة (أو عرش) أولاد سيدي نائل تعتبر الآن من أكبر عروش الجزائر والوطن العربي.
تسلسل النسب نزولاً
فالمعروف خلف علي ابن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما كل من الحسن السبط والحسين السبط. أما الحسين رضي الله عنه فقد خلف علي زين العابدين الذي ينتمي إليه كل من الصقليون والعراقيون والمسفريون بالمغرب. أما الحسن السبط فقد خلف الحسن المثنى الذي أنجب 7 أولاد وهم: الحسن المثلث، إبراهيم، داود، جعفر، محمد، علي العابد، وعبد الله الكامل. ينحدر الشرفاء السملاليون بالمغرب من الحسن المثلث. أما عبد الله الكامل فقد خلف بدوره 7 أبناء وهم: يحيى، عيسى، إبراهيم، موسى الجون (أب الدوحة القادرية بالمغرب)، سليمان (جد شرفاء تلمسان)، محمد النفس الزكية (جد الشرفاء العلويين بالمغرب)، وأخيراً إدريس الذي ينحدر منه الأدارسة. خلف المولى إدريس الأكبر دفين جبل زرهون المولى إدريس الأزهر دفين فاس الذي خلف بنفسه 12 ولداً وهم: محمد، عبد الله، عيسى، أحمد، جعفر، يحيى، إبراهيم، القاسم، عمر، علي، داود، وحمزة.
نسب الشرفاء
يؤخذ من كتاب "الحصن المتين للشرفاء أولاد مولاي عبد السلام مع أبناء عمهم العلميين" في جزئين للمؤلف النسابة الحلج الطاهر بن عبد السلام اللهيوي الوهابي العلمي الإدريسي الحسني الشمسي ما يلي: ثم ارتبطت السلسلة المذكورة بالأحفاد من صلب الولي أحمد مزوار إلى الآن. سيدي مزوار بن سيدي علي حيدره بن محمد بن إدريس واسمه أحمد وقيل محمد. ثم ابنه سيدي سلام بن مزوار، دفين خارج قرية مجمولة بموضع يدعى "البَيْمَل" من قبيلة بني عروس بالقرب من سوق الخميس. ثم ابنه الولي الصالح سيدي عيسى بن سلام المذكور، دفين قرية بوعمار. لم يخلف غيره. ثم ابنه الولي الصالح سيدي بوحرمة بن عيسى المذكور، دفين قرية مجازليين. ولم يخلف غيره. ثم ابنه الولي الصالح سيدي علي بن بوحرمة المذكور، دفين أرض أوجة على جرف الوادي تجاه قرية بوجبل بالقرب من سوق الخميس وبه سمي السوق المذكور فيقال خميس سيدى علي. لم يخلف غيره. ثم ابنه الولي الصالح سيدي أبو بكر بن علي، دفين قرية عين الحديد "بغابة الدك" وفي هذا تجتمع جميع أنساب شرفاء أهل العَلَمْ من خمسة رجال هم: سليمان (مشيش)، يونس، علي، أحمد، محمد.
إن السيد أبا بكر بن علي بن حرمة بن عيسى بن سليمان بن مزوار بن علي الملقب بحيدرة بن الإمام محمد بن المولى إدريس الثاني خلف سبعة من الذكور وهم السادة مشيش، علي، يونس، الملهى، ميمون، فتوح كلهم له عقب ما عدا الأخيرين ميمون وفتوح فلم يعقبا. عقب سيدي مشيش ثلاثة فروع مباركة وهي سيدي يملح، مولاي عبد السلام، وسيدي موسى الرضى. خلف مولانا عبد السلام أربعة من الأشبال وهم:سادتنا أبو عبد الله سيدي محمد و أبو الحسن مولاي علي و سيدي عبد الصمد و أبو العباس مولاي أحمد. و محمد بن عبد السلام بن مشيش من الأشراف الأدارسة، عاش في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، وخلف ولدا واحدا اسمه عبد الكريم دفين قرية تزية بحومة أولاد عيسى فوق طريق السيارات الصاعدة إلى ضريح جده مولانا عبد السلام.
و يؤخد من" كتاب السلسلة الوافية و الياقوتة الصافية في أنساب أهل البيت المطهر أهله بنص الكتاب" لمؤلفه أحمد بن محمد العشماوي ما يلي : و أما أولاد سيدي مشيش اصلهم من بني حرمة و خلف سيدي مشيش رضي الله عنه أربعة أولاد هم سيدي عبد السلام و مليح و يونس و موسى فأما سيدي عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه خلف أيضا أربعة أولاد و هم محمد و أحمد و علي و يقال له علال و عبد الصمد و أعما مه اخوانا رضي الله عنه و هم سيدي مشيش و أحمد و أحمد و علي و مليح و يونس و موسى و هم أهل جبل العلام
و أما أولاد سيدي عبد السلام بن مشيش رصي الله غنه فهم خمسة أقسام منهم فرقة في فاس و منهم فرقة في الصحراء يقال لهم أولاد سيدي نايل و منهم فرقة في الجزائر و منهم فرقة في تونس كلهم صرخة واحدة يعني اخوانا فجدهم اسمه سيدي عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن جرمة بن عيسى بن سلام بن مروان بن حيدرة بن علي بن أحمد بن عبد الله بن إدريس بن ادريس
العروش الذين هم إخوة أولاد نائل
سيدي عبد الله بن أحمد الخرشوفي خلف أربعة أولاد: نايل، السكناوي، أبو الليث، وعبد الرحمن.
- نايل: انتقل إلى الصحراء.
- السكناوي: انتقل إلى سلا، وخلف ولداً اسمه محمد الأعرج، الذي انتقل إلى واد يسر على شاطئ الواد بازاء مدينة تلمسان.
- أبو الليث: انتقل إلى قبائل البرانس.
- عبد الرحمن: انتقل إلى المشرق بازاء جبل البرابر.
هناك العديد من التحقيقات والدراسات التي تناولت أصل قبيلة أولاد نايل، ونسبها، وتاريخها.
- الرواية الأولى: تُفيد بأن محمد نائل كان من ذرية الخرشفيين من أهل القرن السادس عشر الميلادي، ويعود نسبه إلى إدريس الأول من بني هلال. تشير هذه الرواية إلى أن محمد نائل تعلم ودرس في زاوية الشيخ أحمد بن يوسف الراشدي. كان محمد نائل واحداً من المذابيح السبعة، الذين امتحنهم الشيخ أحمد بن يوسف واختار منهم محمد نائل ليكون من نسل من نال البركة.
الرواية الثانية: تُشير إلى أن محمد نائل وُلد في قصر وادي غير بالمغرب في أواخر القرن الخامس عشر، وكان من أصحاب السلطان مولاي حسان وشارك في الحملات العسكرية ضد الحفصيين.
الرواية الثالثة: تقول هذه الرواية إن محمد نائل عاش خلال العهد التركي في الجزائر، وانتقل إلى منطقة صحراء عيسى ليؤسس حياة بدوية هناك.
الرواية الرابعة: تفيد الرواية بأن محمد نائل عاش في بداية العهد التركي، ونُسبت له الخيمة الحمراء التي تميز قبيلة أولاد نائل، وهي علامة على شرفهم وامتيازهم.
من أهمّ هذه المصادر:
- كتب الأنساب: مثل "الحصن المتين للشرفاء أولاد مولاي عبد السلام مع أبناء عمهم العلميين" للنسابة الحلج الطاهر بن عبد السلام اللهيوي الوهابي العلمي الإدريسي الحسني الشمسي، و "كتاب السلسلة الوافية و الياقوتة الصافية في أنساب أهل البيت المطهر أهله بنص الكتاب" لمؤلفه أحمد بن محمد العشماوي.
- مراجع التاريخ الجزائري: مثل "تاريخ الجزائر الثقافي" للشيخ أبو القاسم سعد الله، و "معجم القبائل الجزائرية" للباحث أحمد مزياني.
- الدراسات الأكاديمية:
- "أولاد نايل: دراسة في النسب والتاريخ والانتماء" للباحث محمد بن ناصر.
- "دور قبيلة أولاد نايل في المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي" للباحثة خديجة مسعودي.
- المواقع الإلكترونية:
- موقع "الجلفة أنفو":
https://www.facebook.com/sidinailalidrisi/?locale=ar_AR - موقع "معهد الدراسات التاريخية":
https://www.cnrpah.org/
- موقع "الجلفة أنفو":
تتفقُ أغلبُ هذه المصادر على أنّ قبيلة أولاد نايل:
- تنحدر من أصول عربية عريقة، حيث تنتمي إلى الأشراف الأدارسة، أحفاد الإمام إدريس الأزهر.
- هاجرت من المغرب الأقصى إلى الجزائر في القرن السادس عشر الميلادي، واستقرت في منطقة تيطري، ثمّ توسّعت بعد ذلك لتشمل مناطق أخرى في وسط البلاد.
- لعبت دورًا هامًا في مختلف مراحل التاريخ الجزائري، بدءًا من المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، وصولًا إلى الثورة التحريرية الكبرى.
من المهمّ الإشارة إلى أنّ:
- لا يوجد تحقيقٌ واحدٌ شاملٌ ونهائيٌّ حول أصل قبيلة أولاد نايل.
- تتضمّنُ بعضُ المصادرِ معلوماتٍ مُتضاربةً أو غير مُؤكّدة.
- يُمكنُ للباحثين المُهتمّينَ بهذا الموضوعِ مُقارنةِ المعلوماتِ من مختلفِ المصادرِ وتكوينِ صورةٍ مُتكاملةٍ عن أصلِ قبيلةِ أولاد نايل.
بالإضافة إلى ذلك، تُعدُّ الرواياتُ الشفهيةُ مصدرًا هامًا لمعرفةِ تاريخِ القبائلِ العربيةِ في الجزائر.