في هذا الوقت الذي يُقال فيه "لا أحد يمكنه إلغاء الآخر"، يبقى الخيار الوحيد أمام الجميع هو الحوار، حتى وإن كان صعبًا، حتى وإن بدا كالخيار الأخير. لو أخذنا دروسًا من تاريخ الحروب في العالم، لوجدنا أن من اختار المسار المسلح للوصول إلى السلطة، في كثير من الأحيان، انتهى إما إلى الموت أو القتل، تاركًا وراءه جثثًا وأرواحًا معذبة. الجزائر، التي عانت من صراع طويل في التسعينيات، شهدت هذا الواقع المأساوي. وفي كولومبيا، في إسبانيا، وفي بريطانيا، لم تختلف الصورة كثيرًا. فالجماعات المسلحة التي نشأت في هذه الأماكن واصلت الصراع لسنوات طويلة، ولم تجد سوى الخراب والدمار.
وفي سوريا، الوضع اليوم له خصوصيته. ليس فقط لأن الحرب استمرت سنوات طويلة، بل أيضًا لأن الأنظار العالمية تراقب هذا الصراع عن كثب. تتشابك مصالح القوى الكبرى، ويُحاك وراء الأبواب المغلقة ما قد يعيد تشكيل المنطقة. فكل كلمة تُقال وكل قرار يُتخذ يترجم إلى تأثيرات تتجاوز الحدود السورية. ولكن مع تغير اهتمام الرأي العام العالمي، قد يزداد الوضع تعقيدًا. ربما تأتي لحظة يصبح فيها الصمت هو الرد على آهات السوريين، وتصبح أزمة الشعب السوري مجرد ذكرى على صفحات الأخبار.
وفي هذا الصمت المدوي، يستمر مجلس سوريا في محاولاته الحثيثة للفت الأنظار، مستمرًا في عقد الاجتماعات ونشر التغطيات الإعلامية، في مسعى أخير للحفاظ على الأمل في قلوب الذين ما زالوا يثقون أن هناك بصيصًا من نور في نهاية النفق.
لكن ماذا عن ذلك الأمل؟ هل ما زالت هناك فرصة حقيقية للسلام؟ أم أننا نعيش في حلقة مفرغة من العنف والموت؟ الحلول تبدو بعيدة، والأفق يبدو مسدودًا. ويبقى التساؤل قائمًا: هل سيأتي اليوم الذي نشهد فيه نهاية لهذه المأساة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق