في عالم من الكلمات، حيث تتداثر اللغات في همساتها الخاصة، كنت أقف متردداً، حاملاً معجم اللغة العربية بين يديّ، محاولاً أن أختار الكلمة الأنسب لـ "body". هل سأختار "البدن"، الذي يستحضر ذكريات الطفولة واللعب في الحدائق؟ أم ربما "الجسم"، الذي تشريحه يكشف عن عجائب الحياة والعلم؟ أم "الجسد"، الذي يحمل في طياته الأدب والشعر؟ وما بالك بـ "القامة"، التي تعلو في الوصف كأنها ترسم سلالم الشخصية والجمال؟
كلمة واحدة فقط في اللغات الأخرى، لكن العربية... أوه، العربية، متى أعرفك ومتى أعرف منك! كل هذه الكلمات، مرادفات متعددة الألوان، تنتظر اختياري. قلبي ينبض بحب لهذه اللغة، وأنا أشعر بالتوتر، كأني في قاعة مسرح وكل المقاعد مشغولة بالمعاني الجميلة.
أنتظر، أفكر، وأسمع صوت اللغة يترنم في آذاني. كل كلمة تأتي بعالمها المصغر، بمعانيها وتاريخها وأساطيرها. البدن... الجسم... الجسد... القامة... وفي هذه اللحظة، أشعر بالإعجاب العميق لثراء هذه اللغة، بل والإعجاب بنفسي، فقد اخترت أن أكون في هذا العالم مع هذه اللغة العظيمة.
نعم، كل اللغات في العالم تترجم هذه المرادفات إلى كلمة واحدة، لكن العربية، يا سبحانها، تجعل من اختيار كلمة واحدة مغامرة في غابة من المعاني. والآن، بعد هذا الترقب المليء بالسحر، أختار...
...لكن لماذا أختار؟ فالعربية ليست فقط كلمات، هي مشاعر وذكريات وحكايات. فلنستمتع بهذا الاختيار الطويل ولننتظر الكلمة التي ستناسب اللحظة، فالعربية، كم أنت غنية!