05‏/02‏/2018

جيدو - و من معه


By Hadi CC4.0 from commons
Guido Barindelli

وجدت هذا المنشور غير مكتمل ولم يُنشر منذ سنتين، فقررت إتمامه ونشره خلال مشاركتي في مؤتمر ويكيمانيا في إيطاليا. قد يكون محتواه مختلفًا عمّا كنت أود كتابته سابقًا، لكن من الجميل أن يُنشر في مثل هذا الوقت.

جيدو (أو غيدو، حيث الحرف غير منطوق بالعربية) هو إيطالي من سكان قرية إيسينو لاريو. يعمل متطوعًا في البلدية ومدرّسًا في الجامعة، حيث يُلقي دروسًا تطبيقية في العلاج الطبيعي، أي باستخدام الحركات الطبيعية للجسم.

أبهرنا جيدو وأصدقاؤه، أبناء هذه القرية الصغيرة الواقعة على تخوم مدينة ميلانو، على أبواب جبال الألب الشامخة. كلهم متطوعون، وهذا ما جعلني في حالة إعجاب تام. التطوع لديهم يحمل كل معانيه الصادقة، ويتجسد في أشخاص استثنائيين.

Guido Barindelli.
By Hadi CC4.0 from Commons

في العادة، أو من منظور منطقي بحت، يُعتقد أن من يتطوع هو من لديه فراغ أو وقت زائد عن الحاجة. لكن ما اكتشفته هنا أن التطوع بالنسبة لهم أسلوب حياة، أو كما يقول الأمريكيون "Way of Life"، وهو أمر يتفاخرون به ويعيشونه ببساطة وصدق.

جيدو، ببساطته وعفويته، نجح في نقل هذا المفهوم لي، وأكيد لآخرين. ليس معنى هذا أنني أجهل مفهوم التطوع في بلدي، أو أنه غير موجود، بل بالعكس، لكنّه يظهر بأسماء ومظاهر أخرى، ويقوم به أشخاص من خلفيات مختلفة.

على سبيل المثال، لدينا في الجزائر التويزة، والنوبة، والدالة، والمعونة، وكلها أسماء تحمل روح التعاون والتطوع.

  • في الأعراس، مثلاً، يتعاون شباب الحي لمساعدة أهل العريس في تنظيم يوم العرس.
  • وفي الجنازات، لا يُترك أهل الفقيد يفعلون إلا القليل، حيث يتكفل الجميع بالمساعدة.
  • أما التويزة، فهي عادة متأصلة في كامل الجزائر، وليست مقتصرة على منطقة القبائل كما يعتقد البعض. التويزة هي تعاون أهل القرية لإنجاز أعمال فلاحية، مثل الحصاد، لضمان عدم ضياع المحصول في حال عجز الفلاح عن إتمام العمل وحده.

ومع ذلك، يبقى ما فعله جيدو وأصدقاؤه مختلفًا؛ هنا ترى دكاترة وأشخاصًا بمناصب مرموقة يتطوعون لخدمة أناس أقل منهم مكانة اجتماعية. هنا تكمن المفارقة، وهو ما لا نراه كثيرًا في بيئتنا المعتادة. كل ما اكتشفته من هذه التجربة هو أن الإنسان ليس هو نفسه في كل بقاع العالم.

تحية لجيدو وأصدقائه مرة أخرى.

مغامرة الاختيار في الغابة العربية

  في عالم من الكلمات، حيث تتداثر اللغات في همساتها الخاصة، كنت أقف متردداً، حاملاً معجم اللغة العربية بين يديّ، محاولاً أن أختار الكلمة الأن...